قانون المالكين والمستأجرين تناقضات عملية وقانونية
الأستاذ المحامي محمد الصبيحي
يعتبر قانون المالكين والمستأجرين معضلة أردنية لامثيل لها، وفي كل مرة يجري تعديل القانون ينحرف المشرع عن العدالة ان بحق المالك أو بحق المستأجر، ويبدو أن هذا القانون كان ومايزال محل حيرة رجال القانون وجدالاتهم التي لن تنتهي.
الان ينهض القطاع التجاري معلنا الاضراب احتجاجا على البند الثاني من المادة الخامسة منه والتي أتاحت للمالك في العقارات المؤجرة قبل 31/8/2000 الحق بطلب أجر المثل ( الحالي ) من المستأجر (واذا لم يتفقا يحق لاي منهما التقدم بطلب للمحكمة المختصة التي يقع العقار في دائرتها لتقدير بدل الإجـارة بما يعادل أجر المثل في موقع العقار، وعلى المحكمة البت في الطلب في مدة لا تزيد عن ستة اشهر من تاريخ تقديمه، ويكون القرار بأجر المثل قطعيا ونافذاً من تاريخ تقديم الطلب).
يبدو هذا النص من الناحية القانونية متماسكا ومحددا لمعيار جماعي موحد لحل معضلة العقارات المؤجرة قبل أكثر من عشر سنوات وهي التي كانت محل أحتجاجات المالكين المتواصلة وبينها بالطبع عقارات لاتكاد أجرتها تستحق عناء ونفقات المطالبة بها.
أما من الناحية العملية فانه يخلق معضلة أكثر تعقيدا أمام القضاة وأطراف الدعوى ويمهد لصدور قرارات متناقضة.
وكمثال على ذلك فلنفترض أن ( س ) و( ص ) يمتلك كل منهما بناء يضم عددا من المستأجرين في نفس الشارع فرفع كل منهما أمر تحديد بدل أجر المثل الى المحكمة في مواجهة اربعة أو عشرة مستأجرين في كل مبنى اذ سيرفع عشر دعاوى في أوقات متفرقة وجاره سيفعل الشيء نفسه أمام القضاء فان القانون لم يحدد مفهوم ( أجر المثل ) هل هو أجر مثل الموقع والمساحة أم أجر مثل المهنة وغايات الاستعمال؟؟ أما تلك القضايا فستوزع بين عدد من القضاة، وبدون شك فان المحكمة ستجد نفسها مضطرة لانتخاب خبراء لتحديد أجر المثل في كل قضية، وبما أن الخبراء بشر تتفاوت نظرتهم وخبرتهم التجارية والعقارية فمن المستحيل عمليا ومنطقيا أن يأتوا جميعا في كل تلك القضايا بتقدير واحد لبدل أجر المثل حتى لو تساوت المساحات، وهنا سنجد أنفسنا أمام تقديرات وقرارات قضائية متفاوتة لذات العقار أو بينه وبين العقار المجاور، فهذا المستأجر سيدفع الفي دينار سنويا بحكم قاضي المحكمة وجاره سيدفع أقل أو أكثر بحكم من قاض أخر!! فأين العدالة؟؟ خاصة وأن الحكم قطعي ولا يمكن تغييره بشكل من الاشكال؟؟.
واضح أن المشرع الاساسي ( مجلس الامة ) أزاح عن نفسه عبئا والقاه في حضن القضاء.
ونذهب الى المادة السابعة ونصها (في العقار المؤجر لغايات السكن قبل 31/8/2000 فانه يحق لافراد اسرته الذين كانوا يقيمون معه في العقار عند وفاة المستأجر الاستمرار في اشغال المأجور لمدة ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون او من الوفاة، أما العقار المؤجر لغايات اخرى فيستمر ورثة المستأجر الشرعيين او احدهم في اشغال المأجور لمدة ست سنوات على ان يراعى أجر المثل في كل الاحوال).
وهذا النص غير منطقي من ناحيتين الاولى أنه مخالف لما استقر عليه الرأي في الفقه الاسلامي فأئمة المذهب -كما أعلم- مجمعون على أن حق المنفعة يورث، والاجارة من عقود المنفعة.
ومن ناحية ثانية فان هذا النص يتناقض مع نص المادة الخامسة المتعلقة بأجر المثل، فماهي العبرة بأخلاء ورثة المستأجر المتوفى ما دام القانون رتب بدل أجر مثل أبتداء؟؟ لماذا يمنع القانون أخلاء المستأجر ويرتب عليه أجر المثل ثم يعاقب الورثة على وفاة مورثهم رغم أن من حق المالك طلب أجر المثل؟
هذا قانون معدل جاء ليحل مشكلات فخلق تعقيدات وتناقضات ولا أرى مخرجا الا بالعودة الى آلية احتساب الزيادة كنسبة مئوية من بدل الايجار وفق معادلة تنتج عن دراسة وحوار بين الاطراف قبل أقرارها تشريعيا.
رابط المقال: http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=110556