خارطة طريق لإنقاذ المستقبل
عبدالناصر هياجنه
بعيداً عن السياسة وقريباً منها، أطرحُ هنا بعض الأفكار التي ليست جديدةً بالضرورة، ولكنها تتراجع يوماً بعد يوم في غمرة إنشغالنا وعدم قدرتنا على ترتيب أولوياتنا بشكلٍ معقول. وتهدف هذه الأفكار إلى المحافظة على ما تبقى من جماليات الأردن في مدنه وقراه وبواديه وتعزيز أمنه الإنساني والغذائي وتحسين واقع إنسانه وبيئته. وهي أفكارٌ لا يحتاج تنفيذها لأموالٍ طائلة، بل إلى إرادة ومبالغ هامشية في موازنة الدولة، وتمتد على مدى زمني معقول. يكون من الصواب أن نبدأ بدراستها وتنفيذ الممكن منها الآن ونستمر في ذلك، ولكننا سنرتكب خطأً وخطيئةً إن لم نبدأ.
1. إزالة كل أشكال الاعتداء على أراضي الدولة والحراج والغابات.
2. نقل بعض المشروعات والمرافق التي جرى إقامتها في مواقع غير ملائمة لأسبابٍ بيئية وسياحية وزراعية. ومنها على سبيل المثال لا الحصر، سجن إرميمين المقام في واحدةٍ من أجمل القرى الأردنية وبشكلٍ يُلحق أشد الضرر بالبيئة ومصادر المياه الطبيعية ويدمر الطابع الزراعي والسياحي للقرية، وبعض مواقع سكن كريم، بعض المصانع وخاصة مصانع الاسمنت والبتروكيماويات وغيرها من المشروعات والمرافق التي تؤثر بدرجاتٍ كبيرة على صحة البيئة ونوعيتها.
3. إنشاء المزيد من السدود المائية لجمع أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار لاستخدامها في الري والزراعة والسياحة وتغذية الأحواض الجوفية. وصيانة وإعادة تأهيل كافة مصادر المياة السطحية من ينابيع وعيون.
4. إعادة الاعتبار للقطاع الزراعي ودعمه مالياً وإدارياً، وتصحيح المفاهيم الخاطئة السائدة عن هذا القطاع وعن مهنة الزراعة عموماً؛ لأن الزراعة قيمة حضارية ساهمت وما زالت في تعزيز منظومة الحياة الإنسانية والإرتقاء بها. وهي قطاع منتجٍ يدرُ الدخل ويوظف الكثير من الأيدي العاملة. ويُعزز الأمن الغذائي الذي يعزز بدوره الاستقلال السياسي والاقتصادي للدولة.
5. إنشاء غابة و/ أو حديقة في كل محافظة، وفي كل مدينة وقرية وتجمع سُكاني، بدعم مباشر من وزارة الزراعة ووزارة المياه والبلديات والبيئة وأجهزة الدولة القادرة على المساهمة حسب طبيعة عملها وإمكاناتها
6. إنشاء الآبار لتجميع مياه الأمطار من خلال مشروع وطني رسمي بالتعاون مع القطاع الخاص يقدم الدعم لكل فرد يرغب بذلك في أرضه أو بيته. فلا يُعقل أن يكون المفقود من مياه الامطار حوالي 93%.
7. فرض التزامات قاتونية على المؤسسات والشركات الكبرى في القطاعين العام والخاص وضمن مواصفات ومعايير يحددها المشرّع، تتمثل في إستنبات الغابات او الحدائق أو إقامة المنشآت البيئية المختلفة بشكلٍ منفرد أو جماعي.
8. دراسة إقامة مسطحات مائية صناعية على أطراف المدن لتحسين طبيعة المُناخ السائد وإقامة مشروعات للترفيه والاستجمام بالقرب منها مع مراعاة شروط السلامة العامة. هذه المسطحات تكون من تجميع مياه الأمطار.
9. فرض ضريبة بيئية على كل مشروع في الدولة – مهما كان نوعه – تتمثل بنسبة لا تزيد عن 1% من أرباح المشروع ترصد حصليتها لإقامة وإستدامة المشروعات الصديقة بالبيئة وصيانة وإعادة تأهيل القائم منها.
10. كخطوةٍ أولى أتمنى أن تقوم الدولة برصد موازنة صغيرة لتنفيذ هذه الأفكار، حتى لا يتم التعلل بصعوبة الوضع الاقتصادي والمالي للدولة، نحن هنا لا نتحدث عن مشاريع كبرى تحتاج إلى مليارات الدنانير، الأمر كله يحتاج إلى إرادة العمل، ومبالغ لا تزيد عن بضعه ملايين، ولتكن البداية برصد مبلغ متواضع مقداراه 36 – 60 مليون دينار سنوياً، توزع على المحافظات بالتساوي لتنفيذ بعض هذه المشروعات، على أن تكون هذه الموازنة ثابتة في حدها الأدنى، وقابلة للزيادة في حال تحسنت موارد الدولة.
قد يرى البعض أن الأفكار بسيطة وبعضها يحتاج إلى دراسةٍ وتطوير، والحلمَ كبيرٌ، والمبلغ المقترح للشروع فيه ضيئل! ولكن ذلك مقصودٌ لإيضاح أننا لا نُريد الحديث عن المعجزات؛ فمشروعٌ كهذا لن يكلّف الكثير، ولا يحتاجُ إلى الكثير من اللجان والمؤتمرات وورش العمل والدراسات، ولكنه ربما سيُشكل نقطةَ تحوّل تُعيد للأردن ألقه الآخذ في التراجع والاندثار.